عمل فيديو في الصفحة الرئيسيّة:
روعي كرملي، 2010, One Game Only
رايكه هافاساري , To Create ,2013
د. عيران إرليخ – رئيس قسم تصميم الخزف والزّجاج، بتسلئيل
إنّ صدور العدد الثّاني من مجلّة “تريبود” – وهي مجلّة أكاديميّة للأشغال اليدويّة مُراجعة من قبل أقران في المجال – هو سبب لاحتفال مضاعف. فليس مفهومًا ضمنًا أن ننجح في متابعة هذا المشروع المهمّ. كي ينجح المشروع، فإنّه بحاجة إلى عمل متواصل، وجهود لجمع الأموال التي ستمكّننا من الحفاظ على المبادئ التي تشكّل أساس “تريبود” وتوسيعها. بودّي أن أشكر دافنا كافمان، محرّرة هذا العدد، على عملها الشّاق والتزامها به.
إنّ المبادئ التي تقوم عليها مجلّة “تريبود” مستسقاة من الممارسة اليدويّة، ومن الوضع الحاليّ لهذه الممارسة. المبدأ الأوّل هو خلق حيّز فكريّ وثقافيّ يُتيح صياغة مختلف مجالات الأشغال اليدويّة. كلّنا إيمان بأنّ الأشغال اليدويّة هي حقل تشكّل الممارسة فيه أيضًا قاعدة خلّابة وثريّة لصياغة أفكار جديدة بخصوص الحيّز الثّقافيّ، والاقتصاديّ الاجتماعيّ، والسّياسيّ. باتت الأشغال اليدويّة اليوم، وأكثر من أيّ وقت مضى نظرًا لارتباطها بالتّكنولوجيا الحديثة، قادرةً على طرح نموذج جديد يتحدّى النّماذج الثّقافيّة الاجتماعيّة الاقتصاديّة السّياسيّة القائمة، وبخاصّة على ضوء الأزمة البيئيّة النّاتجة عن النّموذج الاقتصاديّ السّياسيّ في أيّامنا.
بهدف تحدّي المسلّمات القائمة وفرضيّات الأساس التي تسندها، بتنا بحاجة إلى فكر يستند إلى فرضيّات بديلة، نصوغها من خلال مفاهيم جديدة و/أو تقديم تصوّرات جديدة لمفاهيم قائمة. تنوي مجلّة “تريبود” أن تكون منصّة تُتيح صياغة متواصلة ومتجدّدة لهذه المفاهيم، من خلال السّياق الحرفيّ لهذه المفاهيم، وبواسطة استخدامها – نريد خلق فهم وقراءة مختلفة للواقع. إنّ تصوّر الأشغال اليدويّة كقاعدة فكريّة ينصب أمامنا تحدّيًا: كيف يمكن للأشغال اليدويّة أن تحدث تأثيرات في عالم حيّزه محدّد تكنولوجيًّا وعالميًّا (بيئيًّا)؟ لذا، كان واضحًا بالنّسبة لنا حتّى عند وضع أساسات هذه المجلّة أنّ هناك مبدأ آخر علينا الاهتداء به، وهو أن تكون المجلّة مجلّة رقميّة دوليّة غير محدودة الإصدار، أي أنّه علينا أن نصدرها بالإنجليزيّة. مع ذلك، وبسبب نقطة الانطلاق الحِرفيّة، فإنّ المستوى المحلّي جليّ أمام أعيننا، وجليّة أيضًا التوكيدات والسّياقات التي يولّدها هذا المستوى، ولذا فإنّنا نصرّ على مجلة مكتوبة بلغة مؤلّفيها، مجلّة تتيح للسّياق المحلّيّ أن يولّد مفهومًا له إسقاطات أو مفهومًا يكون مصدر إلهام دوليًّا. لتعزيز هذا الجانب من “تريبود” وتطويره، يسرنّا أن نعلن أنّه، وابتداءً من هذا العدد، سوف تكون “تريبود” مجلّة ثلاثيّة اللّغة لتصدر بالعبريّة، والعربيّة والإنجليزيّة. بودّي أن أتقدّم بالشّكر للسّيدة ريفكا ساكر ولـ”ميفعال هبايس” لمساهمتهما في إصدار هذا العدد.
كلّي إيمان بأنّ مجلّة “تريبود” هي بداية مهمّة لخلق حلبة تُمكّننا من صياغة أفكار تنبثق عن الممارسة الحرفيّة، تكون لها قدرة على إحداث تأثيرات دوليّة واسعة، وأنا أدعوكنّ/م للانضمام إلينا أيضًا في العدد الحاليّ.
دافنا كافمان – محرّرة
إنّ إصدار هذا العدد الثّاني من مجلّة “تريبود”، التّابعة لقسم تصميم الخزف والزّجاج، لهو لحظة مُفعمة بالعواطف. يدلّ الفعل على استقرار وعلى استمراريّة لخطوة مهمّة، هي نتاج تصوّر جديد رسمه رئيس القسم د. عيران إرليخ. مثلما يمثّل قسم تصميم الخزف والزّجاج، الذي انبثقت عنه المجلّة، تعلّمًا متنوّع الجوانب عماده المُثيرات والتّجارب المختلفة، فإنّ المجلة تعكس هي أيضًا توجّهات مختلفة بخصوص موضوع العدد الثّاني – الخاميّة. إنّ المقالات المنشورة في هذا العدد تعكس التّصور المتعدّد الجوانب والواسع للقسم، الذي يعرض مساقات عديدة وفريدة تُتيح نموّ مجالات الأشغال اليدويّة وازدهارها، وبخاصّة مجالَي الخزف والزّجاج. في هذا العدد، ينعكس توجّهان أساسيّان في برنامج الدّراسة للقسم. بدايةً، يعرض مقال د. زيفيا كي أمامنا خطوة فكريّة تشكّل أساسًا لمساق يُعطى في قسم تصميم الخزف في السّنة الأولى، وهو عبارة عن بنية تحتيّة يتابع الطّلّاب أعمالهم بواسطتها حتّى السّنة الرّابعة. يعرض علينا المقال تصوّر طلّاب في بداية طريقهم الفنّيّة، وذلك من خلال نظرة ثاقبة نحو أساليب العمل الفريدة التي نتجت في القسم، بما يلائم برنامج الدّراسة الجديد. يكشف لنا المقال السّيرورات الطّبيعيّة لترجمة المفاهيم الخام التي يجلبها الطّلّاب معهم إلى الأكاديميّة، وتحويلها إلى تعبيرات تشكيليّة، مشحونة بمعانٍ قِيَميّة.
كذلك، تبرز في المجلّة ورشة البحث المخصّصة للسّنتين الثّانية والثّالثة من الدّراسة. تشكّل ورشة البحث هذه بيئة لبحث مختلف الظّواهر من حيث المادّة ومن حيث النّظريّة. إنّ وجود مثل هذا المساق الذي يستغرق عامَين هو أمر فريد لأكاديميّة بتسلئيل، حتّى على المستوى العالمي، إذ إنّه يبني أساسًا عميقًا للطّلّاب ويحثّهم على التّعلّم الذي عماده البحث، فيضعهم في مواجهة إمكانيّة ترجمة المشاعر والأساسات إلى كتابة نقديّة واعية في إطار الحوار الفنّيّ التّصميميّ المعاصر. يسرّني أن أنشر في هذا العدد ثلاثة أبحاث من ثمرات ورشة البحث، التي تُعنى بمجالات مُختلفة وترتبط جميعها بموضوع هذا العدد – الخاميّة.
هناك سبب آخر للاحتفاء بصدور هذا العدد، وهو إضافة لغة إصدار أخرى، وهي اللّغة العربيّة. في هذا العدد بحثان يعنيان بمواضيع مهمّة تربط بين الخزف والثّقافة العربيّة – البحث الذي أجرته أمل عكرماوي والذي يعنى بصناعة الخزف التّقليديّة في الخليل، ويتقفّى آثارها وسيرة تطوّرها. كذلك، تحاول المؤلّفة خلق استمراريّة للعمل بالطّين الخليليّ، بواسطة سلسلة من التّجارب التي أجرتها في القسم، كجزء من متابعتها لبحثها.
أمّا البحث الآخر، لأريج أشهب، وهي خرّيجة قسم فنّ العمارة في بتسلئيل، فيُعنى بالمنُتج الثّانويّ النّاتج عن استخراج حجارة البناء المقدسيّة، والطّريقة التي يُمكن فيها استخدامه، وذلك من خلال بحث الموضوع تاريخيًّا، وإجراء أبحاث تهدف إلى تقليص المنتج الثّانويّ وإعادة تدوير الحجارة. يتخاطب هذا الموضوع مع التّوجّه الحاليّ للقسم بخصوص التّغيّرات المناخيّة واندماج عمل القسم في المساعي لإيجاد حلول مُستدامة.
نميل إلى تصوّر ما هو خام على أنّه أوّليّ، ومجرّدٌ من قِيَم الحضارة، بأكثر الحالات بدائيّة وصفاءً – لذلك تجذبنا هذه الحالة إليها فنبحث عنها. الموادّ التي نستخدمها في أعمالنا، الطّين والزّجاج، تحفّز هذا الإحساس. من المُثير أن نفحص التّوجّهات المختلفة التي تُعبّر عنها المقالات بخصوص المادّتين – الزّجاج والطّين. تلك الرّغبة في العودة إلى المرحلة الخاميّة الأوّليّة تكمن في جوهر مقال غاليا أرملاند البصريّ، الذي يفتتح هذا العدد. تُسهب أرملاند في الرّغبة في العودّة واللّعب بالوحل، بالطّين الخاميّ الأوّليّ، وفي الرّبط بعالم اللّعب من خلال الإنعام بأعمال فنّانين مختلفين تُحفّزهم نقطة الانطلاق هذه، أو فنّانين انغرست البدائيّة في التّعبير عن الطّين في أعمالهم.
في مقاله بعنوان “قلب من زجاج” يكتب ديف هيكي، “إنّ الزّجاج كان موجودًا كلغة قبل وجوده في العالم (كمادّة)”. يُشير هيكي إلى أنّ جوانب الشّفافيّة، والسّيولة، والانعكاس، والهشاشة كانت موجودة قبل قرون من ظهور المادّة نفسها.”11 ديف هيكي ... في مقالها، تُعنى إنرييتا إليعيزر برونر أيضًا في جماليّة الخاميّة والتّعبير عنها في مجال الإنتاج الزّجاجيّ في الثّقافة العصريّة والمعاصرة. في مقالها، تُعنى إليعيزر برونر بالطّاقة الكامنة في المادّة وبطريقة معالجة هذه الطّاقة عند إنتاج عمل زجاجيّ. إنّها الطّاقة الخام والرّغبة في حفظها، كما ينعكس ذلك في أعمال العديد من الفنّانين في القرنين العشرين والواحد والعشرين. هذا المقال هو الأوّل الذي يُعنى بالزّجاج من وجهة نظر مفهوم الخاميّة، بصفته خطوة تصوّريّة في أعمال الفنّان.
يُعنى البروفيسور مولي بن ساسون بمفهوم الخاميّة بخصوص الموادّ الخام الأوّليّة – كما تتجسّد في سرّ الخليقة – أي خليقة الإنسان. في مقاله “تراب من الأرض”، يبحث بن ساسون الموادّ الخام التي تكوّن منها الإنسان، والحوار القائم بين المادّة والخالق في التّوراة. يفتتح هذا المقال كوّة لقراءة حديثة للمصادر التّأويليّة واللّاهوتيّة، وللتّقاليد التّابعة لحضارات الشّرق القديم.
من وجهة نظر مختلفة، يُمكننا أن نبحث الانشغال باللّغة كمادّة خام للإنتاج، وهو ما يعبّر عنه مقال د. طال فرنكل ألروي، الذي يستعرض تصوّرًا بصريًّا كلاميًّا لفنّانتين من مجالَي الزّجاج والطّين. في مقالها، تبحث فرنكل ألروي قوّة اللّغة كمادّة في يد الفنّانة. الاقتباس، والاستنساخ، والاستعارة – كلّها تُستخدم لاختبار الخطوات المادّيّة التي تتبنّاها الفنّانتان، لتخلقا منها عالميهما التّشكيليّين. في هذا المقال، يُمكننا أيضًا معاينة التّطرّقات المختلفة التي يتيحها للفنّانة كلّ توجّه مادّيّ – في الطّين وفي الزّجاج على حدّ سواء.
تعرض نوعمي مئيري دان أمامنا في مقالها أصل فسيفساء الأرض والازدواجيّة الكامنة في عرضها على الجدار. بحسب مقال مئيري دان، ففي عمليّة عرض الفسيفساء بهذا الشّكل هناك إقصاء لها، وهي تنادي بإعادتها إلى حالتها الطّبيعيّة – أي إعادتها إلى أرض. في المقال، تُعنى مئيري دان بالفنّ المقرون بالموقع، وبفنّ الفسيفساء وتطوّراته مع مرّ الزّمن، ابتداءً من القرون الوسطى وحتّى أيّامنا.
كما ذكرت أعلاه، يعرض هذا العدد أربعة أبحاث طوّرتها طالبات في بتسلئيل. عدا عن الأبحاث التي ذكرتها في مطلع النّصّ، ننشر أيضًا بحث سيفان فايس، الذي يُعنى بإنتاج تزجيج للزّجاج، وهو في جوهره بحث عن الرّبط بين الطّين والزّجاج، وهو ربط يميل الكثيرون إلى بحثه، نظرًا للقرابة البالغة بين الموادّ. في بحثها، تستعرض فايس سيرورة منهجيّة لفحص معادلات مختلفة، للوصول إلى مادّة تغطّي الزّجاج، وتتيح تنوّعًا شكليًّا ولونيًّا جديدًا. هذه الإمكانيّات متوفّرة لكلّ فنّان، وهي تستند إلى موادّ أساسيّة في عالم الخزف. يعكس هذا البحث تصوّر القسم لفحص إمكانيّات خلق روابط مختلفة بين الخزف والزّجاج.
أمّا مقال إيلا فيشر لفينطون، فيُعنى بالعدسة كمادّة خام، ويعرض أمامنا بحثًا معمّقًا حول مبنى العدسة، والتّطرّق الفلسفيّ للنّظر من خلال العدسة، كما يتّسم ذلك في أفكار وكتابات فنّانين ومفكّرين من القرن العشرين. يفحص البحث التّغييرات التي أحدثتها عدسة التّصوير في التقاط التّصوّر الفرديّ. علاوةً على ذلك، تستعرض فيشر لفينطون أمامنا بحثًا عمليًّا يشمل إنتاج عدسات في الورشة الحارّة التّابعة لقسم التّصميم الخزفيّ والزّجاجيّ، والتقاط صور بواسطتها بمساعدة آلات تصوير مختلفة، تتراوح بين الآلات التّناظريّة وتلك الرّقميّة. يختتم هذا البحث العدد الثّاني لهذه المجلّة.
بودّي أن أشكر رئيس القسم، د. عيران إرليخ، الذي أتاح لي أن ألعب دورًا مركزيًّا في هذا المشروع المهمّ، الذي يحاكي مشاريع مشابهة في أكاديميّات ومؤسّسات دراسيّة عالميّة، والذي يؤسّس لبنية تحتيّة للحوار الأكاديميّ المعمّق في مجالَي الخزف والزّجاج. بودّي أن أشكر أيضًا جميع المؤلّفين على جهودهم واستثمارهم، ولكلّ من كان له دور في إصدار هذا العدد.
العدد 2 – الخاميّة
تحرير لغويّ وترجمة: ران كوهين
الترجمة إلى العربيّة: رؤى للترجمة
التصميم الجرافيكي والتوصيف: إلينور شاليم
بناء الموقع: فليكس فيسرشطاين
نائبة المحررة: إيله غوطمان
المساعدان: موران لي يكير