
الموضوع الذي اخترت العمل عليه هو عدسات التّصوير. كانت نقطة الانطلاق هي التّصوير كهواية، كشيء يعنيني أنا بشكل مباشر. التّصوير هو مجال يُرافقني منذ سنّ صغيرة جدًّا، فقد بدأت بدراسة التّصوير والسّينما منذ المرحلة الابتدائيّة، وتابعت دراسة السّينما في المرحلة الثّانويّة. في خدمتي العسكريّة، كنت أعمل مصوّرة ومنتجة لأشرطة فيديو في سلاح الجو. لذلك، فإنّ السّينما والتّصوير شكّلا دومًا جزءًا كبيرًا من اهتماماتي، وعملت أيضًا في إنتاج الأفلام، ومع الوقت بات عالم التّصوير، وبشكل خاصّ استخدام آلات التّصوير التّناظريّة (أي الـ analogue) هوايةً من هواياتي.
لذا، قرّرت أنّ البحث الذي أجريه حول الزّجاج سيكون مماسًّا لمجال التّصوير. إنّ آلة التّصوير وآليّاتها هي عالم كامل يتألّف من الكثير من المركّبات والمنظومات. في بحثي، اخترت أن أركّز في العدسة – وهي مركّب بصريّ زجاجيّ وظيفته نقل الضّوء. بدأت أتعمّق في العدسة – ما هي مركّباتها، من أيّ موادّ تصنع، ما هي وظيفتها داخل آليّة آلة التّصوير من ناحية فيزيائيّة؟ ومن خلال قراءة معمّقة حول فيزياء العدسات، أدركت أنّني معنيّة بقراءة كتابات فلسفيّة أيضًا حول التّصوير، وذلك لتوسيع معارفي في المجال، والتّعرّف إلى فنّ التّصوير المنظوريّ كوجهة نظر، والموضوعيّة والفرديّة والتّوتّر السّائد بينهما.
من خلال عملي وإنتاجي للعدسات، قرّرت أنّه بودّي تحدّي هذا التّوتّر – التّوتّر بين الفيزياء، والمادّة، وبين الفلسفة، والماهيّة. الأسئلة التي أثيرت لديّ في بداية الأمر كانت: ما هي عدسة التّصوير؟ ما وظيفتها؟ من أيّ مواد تُصنع؟
بصريّات العدسة

بدأت أقرأ حول البصريّات (البصريّات الهندسيّة)، وهو مجال يُعنى بالضّوء.11 سلاح ...
أمواج الضّوء هي إشعاعات كهرومغناطيسيّة في المجال المرئيّ، أي في ذلك المجال الذي تستطيع العين البشريّة إبصاره.
أمواج الضّوء تُنتج الألوان: أحمر، برتقاليّ، أصغر، أخضر، أزرق، وبنفسجيّ. هناك ألوان في ما بينها أيضًا. الأشعّة تحت الحمراء هي تلك الموجودة في مجال أدنى من مجال تردّدات اللّون الأحمر، والأشعة فوق البنفسجيّة هي تلك الموجود في المجال الذي يفوق مجال تردّدات اللّون البنفسجيّ. العين البشريّة غير قادرة على إبصار التّردّدات في أيّ من المجالين (الأشعّة تحت الحمراء هي أمواج أطول، والأشعّة فوق البنفسجيّة أمواج أقصر من تلك التي بوسعها التّأثير على العين البشريّة).

עדשה מרכזת
للضّوء بعض الخواصّ الأساسيّة: يُمكنه أن ينكسر، وأن ينعكس، وأن ينتقل، وأن يُمتَصّ. عند مرور الأشعّة من مادّة إلى أخرى (لهما كثافتان مختلفتان)، يتغيّر اتّجاهها. عند عبور ضوء أبيض في موشور، تنكسر أمواج الضّوء المختلفة بدرجات مختلفة بحسب طول الموجة. فينكسر الضّوء الأحمر بقدر أقلّ من الضّوء البنفسجيّ – وهي ظاهرة تُعرف باسم “التّشتّت”. لذا، عند إنتاج عدسات تصوير، تُستخدم عمومًا عدسات مختلفة للتّعويض عن هذه الظّاهرة.
العدسة مصنوعة من مادّة شفّافة، وغالبًا ما تكون زجاجيّة، ولها وجهان متقابلان. تُنتج العدسة صورة عن جسم ما بواسطة تغيير اتّجاه الضّوء (كسر الضّوء). كل نقطة على الجسم تُرسل أشعّة إلى كلّ الاتّجاهات. وظيفة العدسة هي نقل جميع الأشعّة إلى مستوى أو سطح مُشترك لإنتاج صورة عن الجسم. النّقطة التي تلتقي عندها الأشعّة الصّادرة عن الجسم تُدعى البؤرة (Focus). الطّول البؤريّ للعدسة (Focus Length) هو المسافة بين البؤرة والمركز البصريّ للعدسة.

עדשה מפזרת
في حال وجود أشعّة تتحرّك بموازاة المحور لبصريّ للعدسة، فعند وصولها إلى عدسة لامّة (موجبة)، تنكسر الأشعّة وتتقاطع عند نقطة موجودة في الجهة الأخرى للعدسة – البؤرة.
أمّا العدسة المُفرّقة (السّالبة)، فتفرّق الأشعّة التي تصل إليها، وفي مثل هذه العدسة تكون البؤرة في الجهة المعاكسة مقارنة بالعدسة اللّامّة، لذلك فإنّ الطّول البؤريّ من مركز العدسة هو عدد سالب.
هناك ثلاثة عوامل تحدّد الطّول البؤريّ للعدسة: تحدّب سطحَي العدسة، نوع الزّجاج، والبعد بين عناصر العدسة. عند إنتاج زجاج العدسة بطريقة جيّدة وماهرة، قد يقلّص ذلك من المشاكل التي تتعلّق بجودة الضّوء. إنّ المادّة الخام التي يتعامل معها مصمّمو العدسات هي الزّجاج البصريّ. ينتج هذا الزّجاج عن خليط من الموادّ الكيميائيّة السّائلة التي تشمل الباريوم، واللانثانوم، وأكسيد التّانتالوم.
فلسفة التّصوير
يُعنى الجزء الثّاني من البحث بنصوص فلسفيّة حول عالم التّصوير.
سوف أعدّد النّصوص التي قرأتها، وسوف أشير إلى النّقاط التي تُحاكي بحثي، وتصوّر الواقع من خلال التّصوير وفنّ التّصوير. اخترت أن أتعمّق في تلك النّصوص التي أثارت في داخلي تعاطفًا مع أساليب عملي أنا. ألهمتني هذه النّصوص لإنتاج العدسات التي أنتجتها:
“أفكار حول التّصوير” بقلم رولان بارت22 בארת, ר. ...
بحسب فهمي، فإنّ رولان بارت يُعنى بعشوائيّة التّصوير. فالصّورة تنسخ حدثًا لا يمكنه أن يكرّر ذاته، ولا يُمكن تغييره – إنّ الصّورة مفعمة بالعشوائيّة داخلًا وخارجًا، حتّى تُصبح بعينها غلافًا شفّافًا لا وزن له. بكلمات أخرى، لا تختلف الصّورة أبدًا عن الشّيء المُصوَّر. مهما كان موضوع الصّورة، ومهما كانت الأشكال التي تبدو فيها، فإنّها دائمًا غير مرئيّة – لا نرى الصّورة أبدًا، بل نرى الشّيء المُصوَّر.
من ناحية فنّيّة، فإنّ فنّ التّصوير موجود عند تقاطع طرق بين فعلين مختلفين – الفعل الكيميائيّ، أي تفاعل الضّوء مع موادّ معيّنة، والفعل الفيزيائيّ، أي تصميم الصّورة بواسطة جهاز بصريّ. يدّعي بارت أنّنا عندما نقف أمام العدسة، فإنّنا نشعر بذُعر مَن هو غير متأكّد من أصله – فمن خلال التّصوير، نختبر استحضارًا أو تكوينًا لصورتنا، وكلّ مبتغانا هو أن يتطابق شكلنا في الصّورة مع الأنا العميقة لدينا. إلّا أنّ الأنا في الصّورة لن تتطابق أبدًا مع تلك الأنا العميقة، وبخاصّة لأنّ الشّكل في الصّورة سوف يكون مجمّدًا دومًا، ثقيلًا، عنيدًا، في حين أنّ الـ “أنا” خفيفة، مقسّمة، مشتّتة. الصّورة هي ظهور لي بحلّة شخص آخر: إنّه فصل ذكيّ بين الوعي والهويّة.
ألّف السّينمائيّ السّوفييتيّ دجيغا فرطوف (1896 – 1954) بيانًا بعنوان Kino Eye Manifesto،33 Vertov, D. (1984). ... وأنتج في العام 1929 الشّريط الشّهير “الرّجل الذي لديه آلة لتصوير الأشرطة”.44 Man with a Movie ... في بيانه، كتب فرطوف أنّنا “لا نستطيع تحسين بنيان أعيننا، إلّا أنّنا نستطيع تطوير آلة التّصوير بلا حدود”. كتب فرطوف مطوّلًا حول آلة التّصوير ككيان منفصل، كعين متحرّرة من التّقييدات البشريّة. عين يُمكنها أن تكون في أيّ مكان، وأن توثّق أيّ شيء، حتّى في تلك الأماكن التي لا تستطيع العين البشريّة الوصول إليها. يُمكنها أن تتحرّر من تقييدات الزّمان والمكان. عين تُتيح لنا اكتشاف عالم لم نعرف قبل عن وجوده.55 لأجزاء من ...
“الأعمال الفنّيّة في عصر الاستنساخ الفنّيّ”بقلم والطر بنيامين 66 בנימין, ו. ...
بحسب تصوّري، تحدّث والطر بنيامين عن تحرير التّصوير لليد لأوّل مرّة من المهام الفنّيّة الأساسيّة الملقاة عليها، والتي باتت ملقاة حصريًّا على العين التي تنظر عبر العدسة. “بما أنّ إدراك العين أسرع من إدراك اليد الرّاسمة، فقد تمّ تسريع عمليّة الاستنساخ إلى درجة بالغة إلى الحدّ الذي بلغت عنده وتيرة الكلام.” مثل فرطوف، تحدّث بنيامين أيضًا عن قدرة العدسة على إبراز بعض الجوانب والمناظر التي تتعلّق بالأصالة، وعن عدم تقيّدها باختيار نقطة المشاهدة، إذ يمكنها الوصول إلى جميعها، بخلاف العين البشريّة. كذلك، تُتيح لنا العدسة، من خلال بعض العمليّات، كالتّضخيم أو الإبطاء، تخليد صور خارجة كلّيًّا عن نطاق قدرات آليّات البصر الطّبيعيّة.
كتب بنيامين أيضًا أنّ الاستنساخ يُتيح للغرض المصوَّر أن يكون موجودًا في أماكن أخرى عدا عن مكانه الأصليّ، ويُعطي مثالًا على ذلك صورة لكاتدرائيّة معلّقة في صالون هاوٍ للفنون.
في كتاب آخر له – تاريخ مصغّر للتّصوير77 בנימין, ו. ... – يكتب بنيامين أنّه في حيّز التّصوير، وبخلاف حيّز البصر الذي يتأثّر بالإدراك الواعي للإنسان، يظهر حيّز مشبع بإدراكه غير الواعي.
البحث العمليّ
يهدف التّصوير إلى إنتاج صورة دقيقة عن جسم ما أو شخصيّة معيّنة، لذلك تتمتّع غالبيّة آلات التّصوير بعدّة عدسات (على سبيل المثال، عدسة لامّة وأخرى مفرّقة)، من أجل إنتاج صورة تكون أقرب ما يمكن إلى الواقع الذي نختبره من خلال آليّات الرّؤية لدينا. لكن، ما هو واقعنا تحديدًا؟ إنّه واقع شخصيّ، وحقيقتنا ليست حقيقة واحدة، وطريقة إبصارنا للواقع أيضًا قد تختلف. لذا، بحسب رأيي، يُمكن لفنّ التّصوير أن يعبّر ليس فقط عمّا يختار الفنّان أن يعبّر عنه، بل أيضًا عن طريقة تصويره للأمور، أو عن العدسة التي يستخدمها ليُظهر عالمه وتصوّره. آلة التّصوير، والتّصوير عينه، ذوا قدرة على الخروج عن آليّات البصر الطّبيعيّة، ولذلك يُمكن استخدام العدسة كحيّز للتّعبير الشّخصيّ، للتّصوّر الشّخصيّ. في بحثي المادّيّ، قمت بإنتاج بضعة عدسات زجاجيّة قسّمتها إلى فئتين: عدسات مصنوعة من زجاج الفرن (زجاج طيفيّ)، وعدسات من زجاج بصريّ. في المُلحق، أرفقت تفسيرًا مفصّلًا لتحضير كلّ عدسة. حضّرت العدسات في الورشة الحارّة، وصمّمت كلًّا منها بطريقة مختلفة. غيّرت سماكة العدسة في بعض العدسات، وفي أخريات شوّهت شكل العدسة، كما وقمت بإحداث تصدّعات في البقيّة.
من ثمّ، استخدمت العدسات للتّصوير بثلاث آلات تصوير مختلفة: آلة التّصوير الشّريطيّ الخاصّة بي، Nikon EF، وآلة تصوير شريطيّ نصف تلقائيّة، Olympus iS 100، وآلة التّصوير الأحدث نسبيًّا، الخاصّة بهاتفي من نوع iPhone 6.
في ما يلي بعض الصّور:

صورة 1: عدسات من زجاج طيفيّ

صورة 2: صور التقطتها بمساعدة Nikon EF

صورة 3: صور التقطتها بمساعدةOlympus iS 100

صورة 4: صور التقطتها بمساعدة iPhone 6

صورة 5: عدسات من زجاج بصريّ

תמונה 6: תצלומים ב-Iphone 6
من خلال عملي مع آلتي التّصوير، وجدت فروقات عدّة: كان استخدام آلة التّصوير الشّريطيّ أصعب، لوجوب التّحكّم بالآلة وبالعدسات في الوقت ذاته، لكنّ النّتائج كانت مُثيرة وجذّابة بالنّسبة لي. ثمّة شيء ما بالعمل مع آليّات ميكانيكيّة، لا رقميّة، أشعر بأنّه أصحّ من ناحية فكريّة – إذ لديّ قدرة أكبر على التّحكّم بإمكانيّات آلة التّصوير، كفتحة الكاميرا ومصراعها، ويُمكنني أن أتابع بحث هذه الآليّات بشكل أعمق.
أمّا آلة التّصوير في الآيفون، فكان تشغيلها أسهل بكثير مع العدسات، وكانت النّتائج مُثيرة للاهتمام، كما وكان العمل معها أسرع بكثير. لآلة التصوير الرّقميّة في الآيفون جودة صورة مختلفة، وفوريّة العمل معها تجعلها مغايرة عن آلة التّصوير الشّريطيّ.
من خلال بحثي لهذين العالمين، الرّقميّ والميكانيكيّ، اللّذين يتجسدّان بآلات التّصوير وطريقة تشغيلها، أجد نفسي أطرح أسئلة إضافيّة بخصوص المعنى الفكريّ للتّصوير، في سياقه التّشغيليّ.
في بحثي، اخترت أن ألتقط صورًا من بيئتي اليوميّة: الإستوديو الذي اعمل فيه، الأشخاص الموجودون من حولي، النّافذة التي أعمل قبالتها، مصابيح الفلورسنت من فوقي… في الصّور، تبدو الأجسام أحيانًا بشكل واضح جدًّا، وأحيانًا بشكل أكثر غموضًا. على سبيل المثال، تظهر النّافذة في بعض الصّور – في بعضها تظهر بوضوح شديد، وفي بعضها تبدو بشكل أقلّ وضوحًا، وإن كانت واضحة فهي مشوّهة، وأحيانًا لا نرى النّافذة مطلقًا بل “نتوه” في بقع وألوان ملطّخة تختفي فيها الصّورة كلّيًّا.
هناك صور عديدة أًصوّر بها نفسي، وفي أعقاب ذلك ثارت في دواخلي عدّة أفكار. في أيّامنا، بات الكثير من النّاس يستخدمون التّكنولوجيا العصريّة – فيستخدمون آلات التّصوير في هواتفهم كأنّها مرايا، ويستخدمونها لتصوير “السّلفي”، ولفحص الذّات، وهو ما لم يكن ممكنًا من قبل في عالم التّصوير. حتّى أيّامنا هذا، لم تتح آلة التّصوير أبدًا هذه الإمكانيّة إلى هذه الدّرجة من الفوريّة. لذلك، في صور الـ “سلفي” التي أنتجتها مع كلّ عدسة، حصلت على نتائج مختلفة، في جميعها يبدو وجهي مشوّهًا، ابتداءً بتشويه بسيط وانتهاءً بتشويه يجعل تمييز وجهي غير ممكن.
لم تعد آلة التّصوير أو العدسة تعمل مثل آليّة البصر الطّبيعيّة لدينا، وبالطّبع لم تعد تعكس، كالمرآة، مظهرنا ومن نحن عليه بشكل موضوعيّ، بل أصبحت عدسات تشوّه مظهرنا، وتصل إلى حيّز اللّا وعي، وتعبّر عن الانحيازيّة في الصّورة. لا تلبّي النّتيجة “الرّغبة في الرّؤية”. الأنا الخاصّة بي، وهي أنا مشتّتة ومتغيّرة، تتجمّد في صورة “عاديّة” – ولكنّها تتغيّر فجأة في الصّور التي التقطتها لنفسي، فتستحضر الصّورة ذلك التّشتّت والتّغيّر. تنطلق الـ “أنا” الخاصّة بي نحو الخارج، بشتّى أنواع التّعبير، بأجزاء مختلفة، وتُثير أسئلة حول: من أنا، ما أنا، ما هو المشوّه وما غير المشوّه، ما هي الحقيقة وما هو غير الحقيقيّ؟
أشعر بأنّني نجحت من خلال البحث في تطبيق ما تعلّمته عن العدسات، من النّاحيتين الفيزيائيّة والفلسفيّة على حدّ سواء، وفي تحويل ما تعلّمته إلى عدسات خاصّة بي، تشكّل جزءًا من فنّي وجزءًا ممّا أنا عليه، كأغراض وكناقلات للضّوء. من خلالها، التقطت صورًا هي جزء من تصوّري للواقع، ونجحت في تحويل الفلسفيّ والنّظريّ إلى عمليّ.
إنّي على اعتقاد بأنّني من خلال البحث أثبتّ أنّ التّصوير قادر على التّعبير عن أساليب تفكير مختلفة وأساليب رؤية مختلفة، من خلال تصميم العدسة من جديد. هكذا، تتحوّل الصّورة والعدسة إلى أغراض. عندما لا يكون موضوع الصّورة جليًّا، فإنّها تجعلنا ندرك أنّنا نحدّق في صورة. فلأنّه ليس بمقدورنا التّشبّث بالصّورة، نعود لإنعام النّظر في الغرض. نعود إلى المرحلة الأوّليّة في بناء الصّورة. في الحقيقة، تفكّك هذه الصّور الواقع وتحوّل موضوع الصّورة إلى شيء غير مفهوم يستطيع المُشاهد أن يفكّ لغزه أو ألّا يفكّ لغزه، لكنّ الأكيد هو أنّ المشاهد يصبح أكثر فعاليّة أثناء مشاهدته للصّورة. تؤدّي الصّورة إلى تفكيك الإشارة، والسّياق، والرّمزيّة، وتُعيدنا إلى مرحلة أوّليّة وهي التّمييز الأوّليّ للبقع، والخطوط، والأشكال – إدراك صوَرِيّ ممزوج.88 פאנופסקי, ...
أظنّ أنّ العدسات التي أنتجتها تبرز التّوتّر بين وجهات النّظر المختلفة، وتتحدّى التّصور الواحد للواقع، الحقيقة الواحدة، والتّوتّر بين الفرديّ والموضوعيّ.
تحظى كلّ عدسة بمنصّة للتّعبير عن شيء فريد لها، وبفرصة للتّلاعب بالواقع وإخراج حيّز اللّاوعي من الصّورة بشكل واضح ومُوجَّه – ويُسفر كلّ ذلك عن ضباب وغياب لليقين.
من خلال معاينة هذين العالمين، الرّقميّ والآليّ، اللّذين يتجسّدان في آلات التّصوير وتشغيلها، أجد نفسي أطرح أسئلة إضافيّة حول المعنى الفكريّ للتّصوير في السّياق التّشغيليّ. أقصد أنّه وعدا عن البحث الذي عاينت به حتّى الآن العلاقة بين العدسات وآلات التّصوير، بودّي أن أعاين العلاقة بين التّصوير الآليّ والتّصوير الرّقميّ وتأثيراتهما المتبادلة.
يسرّني أن أتابع بهذا البحث نحو اتّجاهات مختلفة، وأن أتابع القراءة حول هذا الموضوع الذي يثيرني، والذي في الإمكان إيجاد مواد لانهائيّة عنه، وأن أعنى به من زاوية شخصيّة – أن أحاول أن أبني آلة تصوير بمساعدة عدساتي، وأن أحاول إنتاج المزيد من العدسات بأساليب مختلفة.
يرافقني هذا البحث، وسوف يستمرّ في مرافقتي لفترة طويلة. فعالم التّصوير حاضر في حياتي منذ سنوات عديدة، وهذا البحث يشقّ طريقي نحو فهم أكثر عمقًا ورحابة لتلك الأمور التي أهواها في عالم التّصوير.
المرفقات
عمليّة تحضير عدساتي الخاصّة

الملحق 1
عمليّة إنتاج العدسات من زجاج طيفيّ
1. نتناول عارضة ونلتقط مادّة أوّليّة من الفرن
2. ننتج فقاعة
3. نلتقط مادّة ثانويّة ونرتّب الزّجاج بواسطة جريدة
4. ننفخ الزّجاج لإنتاج فقاعة متجانسة
5. نقوم بـ “جاك لاين”
6. نصمّم الفقاعة، وننتج تشويهًا في العدسة. مثلًا، بواسطة إدخالها إلى الماء، أو وضعها وهي حارّة على سطح التّدوير، أو إحداث تجويف فيها. كلّ ما نرغب فيه، أو ما نشعر به في الأحرى.
7. ننزل العدسة إلى المُتنفَّس لإراحتها.
8. نتناول العدسة المُصمّمة وننشرها.
9. وتُصبح لدينا عدسة

الملحق 2
عمليّة إنتاج العدسات من زجاج بصريّ
1. ندخل الزّجاج البصريّ إلى الـ “بيك أب” ونرفع درجة الحرارة إلى 600 درجة.
2. نتناول عارضة ونحضّر عند طرفها قاعدة (من زجاج من الفرن)
3. بواسطة القاعدة، نلتقط قطع الزّجاج البصريّ من الـ “بيك أب”
4. نسخّن الزّجاج البصريّ (يستغرق تسخين الزّجاج البصريّ دهرًا، فوتيرة تسخينها أبطأ بكثير من وتيرة تسخين الزّجاج الطّيفيّ)
5. ندوّر الزّجاج حتّى الحصول على شكل متجانس.
6. نسخّنها مجدّدًا ونحاول استخراج فقاعة، لكنّ ما يحصل هو …
استنتاج: يسخن الزّجاج الطّيفيّ أسرع بكثير من الزّجاج البصريّ، لذلك لا يكون النّفخ متجانسًا وتهرب الفقاعة نحو الزّجاج البصريّ.

الملحق 3
محاولة ثانية لنفخ عدسة من زجاج بصريّ
1. نتناول عارضة ونسخّنها إلى درجة عالية
2. نجمع الزّجاج البصريّ من الـ “بيك أب” بمساعدة العارضة الحارّة
3. نسخّنه (لوقت طويل جدًّا)
4. ندوّر الزّجاج حتّى يصبح شكله متجانسًا.
5. نحاول استخراج فقاعة، فتنتج فقاعة صغيرة وغير ممركزة.
6. نسخّن مجدّدًا لوقت طويل جدًّا وننفخ (نحاول أن نفعل ذلك بشكل متجانس)
7. نعالج الفقاعة.
8. ننزلها إلى المُتنفَّس
9. نشقّ العدسة إلى قسمين.